صرخة تحت الماء… من هي جيسكا؟

 صرخة تحت الماء… من هي جيسكا؟

في زمن أصبحت فيه الحقيقة ضحية للانتشار السريع، برزت قصة مثيرة هزّت منصات التواصل وأثارت الخوف في قلوب ملايين المشاهدين. فيديو مرعب، تظهر فيه مدربة بحرية تُدعى "جيسكا رادكليف"، تقف بكل ثقة أمام جمهور كبير، قبل أن يُهاجمها حوت أوركا ضخم في لحظة صادمة، وينهي حياتها أمام أعين الجميع. القصة انتشرت كالنار في الهشيم، حصدت الملايين من المشاهدات، وتحوّلت إلى ما يشبه "التحذير المأساوي" من تدريب الحيتان القاتلة. لكن الحقيقة؟ مختلفة تمامًا.

فمع التحقيق والتدقيق



، تبيّن أن "جيسكا رادكليف" لم تكن إلا شخصية خيالية، لا وجود لها في أي سجل رسمي، ولا في أي منشأة بحرية حول العالم. حتى اسم المنتزه البحري الذي ذُكر في القصة – سواء كان "بلوكرست مارين بارك" أو "أوشن وورلد" – مجرد أسماء وهمية لا تتبع لأي موقع حقيقي. أما الفيديو الذي أذهل الجميع، فقد ثبت أنه من إنتاج تقنيات الذكاء الاصطناعي، تم توليفه ببراعة ليوهم المشاهدين بأنهم أمام مشهد حقيقي.

سبب اكتشاف الخدعه



الخبراء لاحظوا وجود أخطاء في تعابير الوجوه، حركات الماء، وحتى في المؤثرات الصوتية، مما كشف زيف المشهد. لا توجد أي حادثة حديثة تتعلق بمدربة بهذا الاسم قُتلت على يد حوت. بل إن المواقع المختصة بتدقيق الحقائق مثل Snopes وNDTV وTimes of India أكدت جميعها أن الحادثة مفبركة.

سبب انتشار الموضوع 



ولعل ما ساعد على انتشار هذه القصة الزائفة هو تشابهها مع حوادث واقعية من الماضي، أبرزها حادثة المدربة "داون برانشو" عام 2010، التي قُتلت خلال عرض حي في "سي وورلد" بأورلاندو على يد حوت أوركا يُدعى "تيليكوم"، وكذلك وفاة المدرب "أليكسيس مارتينيز" عام 2009 في جزر الكناري خلال تدريبه لحوت آخر. هذه الحوادث، على الرغم من واقعيتها، لا علاقة لها بالقصة المتداولة حاليًا.

الذكاء الاصطناعي ماذا فعل



المثير في الأمر أن الذكاء الاصطناعي لم يُستخدم فقط لصناعة الفيديو، بل لخلق قصة كاملة متكاملة، بشخصيات وأسماء ومشاعر، مما يُظهر مدى قوة هذه التكنولوجيا في التأثير على عقول الناس، خاصة عندما تُستخدم دون رقابة أو وعي.

في النهاية

، تُذكرنا هذه الحادثة – رغم أنها لم تحدث – بأهمية التحقق من مصادر الأخبار، والتوقف عن نشر كل ما هو مثير دون وعي. فالعالم الرقمي مليء بالوهم، وما يبدو حقيقة في الظاهر، قد لا يكون أكثر من كذبة مُتقنة صنعتها آلة ذكية لإرباك الواقع.